تارة، وتستعمل بمعنى الظن تارة، ولم ينقل أنها تستعمل بمعنى اليقين، وهم يستعملونها في تصور يقيني، وهو تصور المعاني التي ليست بمحسوسة ولا ريب في ثبوتها، كعداوة الذئب للنعجة، وصداقة الكبش لها، وهو في لغة العرب يقال في هذه المعاني: تصورتها وعملتها وتحققتها وتيقنتها وتبينتها، ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على العلم، ولا يقال: توهمتها، وإلا إذا لم تكن معلمه، فاصطلاحهم مضاد معروف في لغة العرب، بل وفي سائر اللغات.
وإذا كان كذلك، فلإدراك الصحيح، الذي يسمونه هم توهماً وتخيلاً، هو نوع من التصور والشعور والمعرفة.
[كلام ابن سينا في إثبات القوة الوهمية وتعليق ابن تيمية عليه]
يوضح ذلك أنهم قالوا في إثبات القوة الوهمية: كما قال ابن سينا: (الحيوانات ناطقها وغير ناطقها - تدرك في المحسوسات الجزئية معاني جزئية غير محسوسة ولا متأدية من طريق الحواس، مثل إدراك الشاة معنى في الذئب غير محسوس، وإدراك الكبش معنى في النعجة غير محسوس: إدراكاً جزئياً: يحكم به كما يحكم الحس بما يشاهده، فعندك قوة هذا شأنها، وعند كثير من الحيوانات العجم قوة تحفظ هذه المعاني بعد حكم الحاكم بها غير الحافظ للصورة) .