للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب - والرسول - وإن كان يخبر أحياناً بخبر مجرد، كما يأمر أحياناً بأمر مجرد، فهو يذكر مع إخباره عن الله تعالى وملائكته وكتبه ورسله، من الدلالة والبيان والهدى والإرشاد، ما يبين الطرق التي يعلم لها ثبوت ذلك، وما يهدي القلوب ويدل العقول على معرفة ذلك، ويذكر من الآيات والأمثال المضروبة، التي هي مقاييس عقلية وبراهين يقينية، ما لا يمكن أن يذكر أحد من أهل الكلام والفلسفة ما يقاربه، فضلاً عن ذكر ما يماثله أو يفضل عليه.

ومن تدبر ذلك رأى أنه لم يذكر أحد - طريقاً عقلياً يعرف به وجود الصانع، أو شيء من أحواله - من أهل الكلام والفلاسفة إلا وقد جاء القرآن بما هو خير منه وأكمل وأنفع وأقوى وأقطع، بتقدير صحة ما يذكره هؤلاء.

[تنازع الناس في أصل المعرفة بالله وكيف تحصل]

مما يبين أصل الكلام في هذا المقام أنه قد تنازع الناس في أصل المعرفة بالله: هل تحصل ضرورة في قلب العبد؟ أو لا تحصل إلا بالنظر؟ أو تحصل بهذا تارة وهذا تارة؟..

[القائلون بأنها لا تحصل بالنظر]

فذهب كثير من أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية، ومن وافقهم من الطوائف، من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة

<<  <  ج: ص:  >  >>