للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما يعلم أمراً كلياً لم يحدث، ولا علة لوجوده، فإن الكليات لا يوجد شيء منها إلا معيناً، فالعلة الموجبة له لا توجب إلا معيناً جزئياً، فمن لم يعلمه معيناً جزئياً، لم يعلم معلول العلة التامة.

[الوجه الثاني]

من جهة دعواه أنه إذا علم الكسوف على الوجه الكلي، علم جميع صفاته وعوارضه، وعلى هذا فيعلم وجود الإنسان علماً كلياً، مع علمه بجميع صفاته وعوارضه، وهذا باطل.

فإن الصفات والعوارض التي يتصف بها الإنسان وتعرض له، لا يشترك فيها الإنسان، بل ما من إنسان إلا وله صفات وعوارض لا يشركه فيها غيره، كالسحنة والنغمة، فلا يشرك اثنان في سحنة ولا نغمة.

وهذا من دلائل ربوبيته، وأنه بكل شيء عليم، فيمتنع أن يعلم جميع ما يتصف به الإنسان ويعرض له علماً كلياً، وكثير من ذلك، بل أكثره، علم يختص بالواحد من الناس، جزئي لا يشركه فيه غيره، وإن كان الناس يشتركون في أن لهذا رأساً، ولهذا رأساً، ولهذا قلباً وكبداً، ولهذا قلباً وكبداً، ولهذا وجهاً، ولهذا وجهاً، فما من شيئين من ذلك يستويان من كل وجه، بل لكل من ذلك صفة تخصه.

فكيف يتصور أن يعلم تلك الخصائص من لا يعلم إلا الكليات المشتركة التي لا اختصاص فيها؟.

[الوجه الثالث]

أن هذه الجهات الحادثة من لوازم العلل التي يعلمها علماً تاماً.

فكيف يتصور مع علمه بالعلة التامة علماً تاماً، أن لا يعلم لوازمها؟! وكل حادث بعينه هو من لوازمها، فأحد الأمرين لازم:

<<  <  ج: ص:  >  >>