وأدخل في باب الفاعلية من الأول، لأنه يوجد مفعوله ويحفظه.
والفاعل الآخر يوجد مفعوله، ويحتاج إلى فاعل آخر يحفظه بعد الإيجاد وهذه حال المحرك مع الحركة، والأشياء التي وجودها إنما هو في الحركة، والفلاسفة لما كانوا يعتقدون أن الحركة فعل الفاعل، وأن العالم لا يتم وجوده إلا بالحركة، قالوا: إن الفاعل للحركة هو الفاعل للعالم، وأنه لو كف فعله طرفة عين عن التحريك لبطل العالم، فعلموا قياسهم هكذا: العالم فعل، أو شيء، وجوده تابع لفعل.
وكل فعل لا بد له من فاعل موجود بوجوده، فأنتجوا من ذلك أن العلم له فاعل موجود بوجوده، فمن لزم عنده أن يكون الفعل الصادر عن فاعل العالم حادثاً، قال: العالم حادث عن فاعل لم يزل قديماً وفعله قديم.
أي: لا أول له ولا آخر، لا أنه موجود قديم بذاته، كما تخيل لمن يصفه بالقدم) .
[تعليق ابن تيمية]
قلت: ولقائل أن يقول: هذا الذي ذكره ابن رشد عن الفلاسفة أراد به تقرير طريقة أرسطو وأتباعه، الذين استدلوا بالحركة على وجود المحرك الذي لا يزال محركاً غير متحرك، ويسمونه الأول.