للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن تدبر هذه الوجوه وما يناسبها، تبين له فساد قول هؤلاء في رب العالمين، وأن الحق ليس إلا ما جاء عن المرسلين بالعقل الصريح المبين.

[الرد على كلام آخر لثابت بن قرة من وجوه]

وأما قوله: وأيضاً فيلزم جوهر العلة الأولى تغير، وهذا أضرب عنه القدماء.

فجوابه من وجوه.

[الوجه الأول]

أن صدور التغير عن غير المتغير إما أن يكون ممكناً، وإما أن يكون ممتنعاً.

فإن كان ممكناً، بطلت هذه الحجة.

ثم يجوز أن يقال: كان بحيث لا يصدر عنه شيء، ثم صدر عنه شيء من غير تغير، كما يقول ذلك كثير من أهل النظر.

وإن كان ممتنعاً.

قيل له: فالعالم المتغير: إما أن يكون صادراً عنه، وإما أن لا يكون.

فإن كان صادراً عنه، لزم أن يكون متغيراً.

وإن لم يكن صادراً عنه، فهو إما واجب بنفسه وإما ممكن.

فإن كان واجباً بنفسه، وهو مع ذلك متغير، فقد لزم أن يكون الواجب بنفسه متغيراً.

وإن كان ممكناً بنفسه، لزم أن يكون الممكن قد وجد بلا موجب.

وهذا مع واتفاق العقلاء على فساده، فهو معلوم الفساد بالضرورة.

ثم من جوز أن يوجد الممكن بلا فاعل، فلأن يجوز تغير الواجب أولى وأحرى، لأن هذا فيه مصير ما ليس بشيء شيئاً من غير فاعل، فلأن يصير شيئاً بفاعل متغير أولى وأحرى.

[الوجه الثاني]

قولك: هذا أمر أضرب عنه سائر القدماء لو كان

<<  <  ج: ص:  >  >>