ثم بين سبحانه أنه مبدع للسماوات والأرض، والإبداع خلق الشيء على غير مثال، بخلاف التولد الذي يقتضي تناسب الأصل والفرع وتجانسهما.
والإبداع خلق الشيء بمشيئة الخالق وقدرته، مع استقلال الخالق له وعدم شريك له، والتولد لا يكون إلا بجزء من المولد بدون مشيئته وقدرته، ولا يكون إلا بانضمام أصل آخر إليه.
[تعليق ابن تيمية]
وقال تعالى:{أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم} ، فبين بطلان كون الولد له من غير صاحبة لقوله:{ولم تكن له صاحبة} ، فإن التولد لا يكون إلا من أصلين، وليس في الموجودات ما يكون وحده مولداً لشيء، بل قد خلق الله تعالى من كل شيء زوجين، وهو سبحانه الفرد الذي لا زوج له.
وقد بسط هذا في غير هذا الموضع، وبين فساد قول المتفلسفة الذين يقولون: لا يصدر عن الواحد إلا واحد، حتى قالوا: إن الواجب لم يصدر عنه أولاً إلا العقل، ثم بتوسط العقل صدر عقل ونفس وفلك.