للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما يعارضون به الأدلة الشرعية من العقليات فاسد متناقض. الوجه الثامن عشر]

ما يعارضون به الأدلة الشرعية من العقليات فاسد متناقض.

الوجه الثامن عشر

أن يقال: ما يعارضون به الأدلة الشرعية من العقليات في أمر التوحيد والنبوة والمعاد قد بينا فساده في غير هذا الموضع وتناقضه، وأن معتقد صحته من أجهل الناس وأضلهم في العقل، كما بينا انتهاءهم في نفي الصفات والأفعال إلى حجة التركيب والتشبيه والاختصاص، وانتهاءهم في جحد القدر إلى تعارض الأمر والمشيئة، وانتهاءهم في مسألة حدوث العالم والمعاد إلى إنكار الأفعال.

وبينا أن ما يذكرونه على النفي ألفاظ مجملة مشتبهة تتناول حقاً وباطلاً، كقولهم: إن الرب تعالى لو كان موصوفاً بالصفات من العلم والقدرة وغيرها مباينا للمخلوقات لكان مركباً من ذات وصفات، ولكان مشاركاً لغيره في الوجود وغيره، ومفارقاً له في الوجوب وغيره، فيكون مركبا مما به الاشتراك والامتياز، ولكان له حقيقة غير مطلق الوجود، فيكون مركباً من وجود وماهية، ولكان جيماً مركباً من الجواهر الفردة، أو من المادة والصورة، والمركب مفتقر إلى جزئه، والمفتقر إلى جزئه لا يكون واجباً بنفسه.

[معنى المركب]

وقد بينا فساد هذا الكلام بوجوه كثيرة يضيق عنها هذا الموضع، فإن مدار هذه الحجة على ألفاظ مجملة، فإن المركب يراد به ما ركبه غيره، وما كان مفترقاً فاجتمع، كأجزاء الثوب والطعام والأدوية من السكنجبين وغيره، وهذا هو المركب في لغة العرب وسائر الأمم.

وقد يراد بالمركب ما يمكن تفريق بعضه عن بعض، ومعلوم أن الله تعالى منزه عن جميع هذه التركيبات.

<<  <  ج: ص:  >  >>