للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤمر هذا ابتداءً بما لا يؤمر به هذا.

فكما أن الزكاة يؤمر بها بعض الناس دون بعض، وكلهم يؤمر بالصلاة، فهم مختلفون فيما يؤمرون به ابتداءً من واجبات الصلاة، فمن كان يحسن الوضوء وقراءة الفاتحة، ونحو ذلك من واجباتها، أمر بفعل ذلك، ومن لم يحسن ذلك أمر بتعلمه ابتداءً، ولا يكون أول ما يؤمر به هذا من أمور الصلاة، هو أول ما يؤمر به هذا.

وهكذا الواجبات العقلية: إذا قيل بالوجوب العقلي يتنوع الناس في ترتيبها.

فهذا يؤمر بقضاء ما عليه من الديون، وهذا يؤمر برد ما عنده من الودائع، وهذا يؤمر بالعدل في حكمه والصدق في شهادته، وأمثال ذلك.

وكما أنهم متنوعون في ترتيب الوجوب فهم متنوعون في ترتيب الحصول علماً وعملاً.

[كلام أبي الحسين البصري عن العلم]

وقد سلك طائفة من أهل الكلام، من المعتزلة ومن وافقهم، ترتيباً معيناً في العلم الواجب على كل مكلف، وزعموا أنه لايمكن حصول المعرفة لأحد إلا على ذلك الترتيب الخاص، كما ذكرناه من كلام أبي الحسين البصري وأمثاله، حيث قالوا: (ليس يثق أحد بصحة ما جاءت به الرسل إلا بعد المعرفة بصدقهم، ولا تحصل المعرفة بصدقهم إلا بالمعجزات التي تميزهم عن غيرهم، وليس تدل المعجزات على صدقهم إلا إذا صدرت ممن لا يفعل القبيح، لكي يؤمن أن يصدق الكذابين، وليس يعلم أنه لا يفعل القبيح إلا إذا عرف أنه عالم بقبحه،

<<  <  ج: ص:  >  >>