ومعلوم أن العلوم الضرورية لا يقدح فيها نفي النافي لها، فكيف يقدح فيها شك الشاك فيه.
[الوجه الرابع]
أن يقال: لا نسلم توقف العقل بعد التصور التام، بل لا يتوقف إلا لعدم التصور، أو لوجود ما يمنع من الحكم، لظن أو هوى، كسائر المنازعين في القضايا الضرورية من أهل الجحود والتكذيب.
ومعلوم أن هؤلاء كثيرون في بني آدم، فإن الله قد أخبر عن قوم فرعون أنهم جحدوا بآياته واستيقنتها أنفسهم.
وقال تعالى عن اليهود:{الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون}[البقرة: ١٤٦] .
وقال تعالى:{أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون}[البقرة: ٧٥] .
وقال عن المشركين:{فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون}[الأنعام: ٣٣] ، وقال موسى لفرعون:{لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر}[الإسراء: ١٠٢] .
وقد أخبر عن كذب طوائف، وإذا كان كثير من الطوائف يتعمدون الكذب والتكذيب بما يعلمون أنه حق، وهذا جحد لما علموه وتيقنوه، علم أن في الطوائف من قد يتفقون على جحد ما يعلمونه، وكل طائفة