للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمقصود أنه خلق المكان وعلاه، وبقوته صار عالياً، والشرف الذي حصل لذلك المكان العالي منه، ومن فعله وقدرته ومشيئته، فإذا كان هو عالياً على ذلك وهو الخالق له، وذلك مفتقر إليه من كل وجه، وهو مستغن عنه من كل وجه، فكيف يكون قد استفاد العلو منه، ويكون ذلك المكان أشرف منه.

وإنما صار له الشرف به، والله مستحق للعلو والشرف بنفسه، لا بسبب سواه، فهل هذا وأمثاله إلا من الخيالات والأوهام الباطلة، التي تعارض بها فطرة الله التي فطر الناس عليها، والعلوم الضرورية، والقصود الضرورية، والعلوم البرهانية القياسية، والكتب الإلهية، والسنن النبوية، وإجماع أهل العلم والإيمان من سائر البرية؟ .

[تابع كلام الرازي في لباب الأربعين عن الجهة والعلو]

قال الرازي في حجة خصمه: (ولأن الخلق بطباعهم وقلوبهم السليمة يرفعون أيديهم إليها عند التضرع والدعاء) .

وأجاب عن ذلك بأن رفع الأيدي إلى السماء معارض لوضع الجبهة على الأرض.

[الرد عليه من وجوه: الوجه الأول]

أن يقال: وضع الجبهة على الأرض لم يتضمن قصدهم لأحد في السفل، بل السجود بها يعقل أنه تواضع وخضوع للمسجود له، لا طلب وقصد ممن هو في السفل، بخلاف رفع الأيدي إلى العلو عند الدعاء، فإنهم يقصدون به الطلب ممن هو في العلو.

<<  <  ج: ص:  >  >>