العلم، وإن كان جماهير العقلاء من بني آدم يقولون: إن فساد هذا معلوم بالضرورة.
حتى قال الرازي: وأعلم أنه لولا ولوع الناس بكل كلام هائل لا يخلصون حقيقته، لما احتيج إلى الكلام على قولهم: إن الشيء الأحدى الذات عقل وعاقل ومعقول، من غير تعدد صفاته.
وأما هذه الثانية فما علمت له فيها سلفاً.
فنقول في الأولى التي ذهب إليها بعض سلفه، لم قلت: إن العالم إذا علم نفسه، لم يكن علمه بنفسه إلا مجرد نفسه؟ وما الدليل على ذلك؟ وهل هذه إلا مجرد الدعوى؟
ثم إنها دعوى معلومة الفساد بالضرورة وبالأدلة، فإن الإنسان حاله قبل أن يعرف نفسه، خلاف حاله إذا عرفها: يعلم أنه حصل له علم لم يكن، مع أن نفسه لم تزل، ويعلم أنه إذا قال: علمت نفسي، كان في هذا زائد على قوله: كانت نفسي.
وإذا قال: علمي بنفسي موجود، علم أن هذا زائد على قوله: نفسي موجودة.
وقوله: علمت نفسي، كقوله: أحببت نفسي، وظلمت نفسي، ورأيت نفسي، فهل يكون حبه لها وظلمه لها ورؤيته لها هو ذاتها؟!.
[الوجه الثاني]
ومن الأقوال المشهورة عند الناس: من عرف نفسه عرف ربه، فلو كانت معرفته بنفسه هو نفسه، لكان كل أحد عارفاً بنفسه وبربه.