ولا الكلام ولا الخرس، ولا البصر ولا العمى، ولا السمع ولا الصمم، لأن اتصافه بأحدهما فرع لقبوله لأحدهما، وهو لا يقبل واحداً منهما، لأن القابل للاتصاف بذلك لا يكون إلا جسماً، فإن هذه من صفات الأجسام، فإذا قدرنا موجوداً ليس بجسم لم يقبل هذا ولا هذا، فما كان جواباً لهؤلاء الملاحدة فهو جواب لك، فما تخاطب به أنت النفاة الذين ينفون ما تثبته أنت، يخاطبك به المثبتون لما تنفيه أنت حذو القذة بالقذة.
ونحن نجيبك بما يصلح أن تجيب أنت ونحن به لسائر الملاحدة، فإن حجتك عليهم قاصرة، وبحوثك معهم ضعيفة، كما بينا ضعف مناظرة هؤلاء الملاحدة في غير موضع.
[الرد عليه من وجوه: الوجه الأول]
أن يقال: إن ما يقدر عدم قبوله ولهذا أشد نقصاً واستحال وامتناعاً، من وصفه بأحد النقيضين مع قبوله لأحدهما، وإذا قدرنا جسماً حياً عالماً قادراً سميعاً بصيراً متكلماً كالإنسان والملك وغيرهما، كان ذلك خيراً من الجسم الأعمى الأصم الأبكم، وإن أمكن أن يتصف بضد الكمال.
وهذا الجسم الأعمى الأصم الذي يمكن اتصافه بتلك الكمالات