الألفاظ هي عرفية عرفاً خاصاً، ومرادهم بها غير المفهوم منها في أصل اللغة، سواء كان ذلك المعني حقاً أو باطلاً.
وإذا كان كذلك فهذا مقام يحتاج إلي بيان:
وذلك أن هؤلاء المعارضين إذا لم يخاطبوا بلغتهم واصطلاحهم فقد يقولون: إنا لا نفهم ما قيل لنا، أو أن المخاطب لنا والراد علينا لم يفهم قولنا، ويلبسون علي الناس بأن الذي عنيناه بكلامنا حق معلوم بالعقل أو بالذوق، ويقولون أيضاً: إنه موافق للشرع، إذا لم يظهروا مخالفة الشرع، كما يفعله الملاحدة من القرامطة والفلاسفة ومن ضاهأهم.
وإذا خوطبوا بلغتهم واصطلاحهم ـ مع كونه ليس هو اللغة المعروفة التي نزل بها القرآن ـ فقد يفضي إلي مخالفة ألفاظ القرآن في الظاهر.
فإن هؤلاء عبروا عن المعاني التي أثبتها القرآن بعبارات أخري ليست في القرآن، وربما جاءت في القرآن بمعني آخر، فليست تلك العبارات مما أثبته القرآن، بل قد يكون معناها المعروف في لغة العرب التي نزل بها القرآن منتفياً باطلاً، نفاه الشرع والعقل، وهم اصطلحوا بتلك العبارات علي معان غير معانيها في لغة العرب، فتبقي إذا أطلقوا نفيها لم تدل في لغة العرب علي باطل، ولكن تدل في اصطلاحهم الخاص علي باطل، فمن خاطبهم بلغة العرب قالوا: إنه لم يفهم مرادنا، ومن خاطبهم باصطلاحهم أخذوا يظهرون عنه أنه قال ما يخالف القرآن، وكان هذا من جهة كون تلك الألفاظ مجملة مشتبهة.
[معني لفظ التوحيد في الكتاب والسنة مخالف لما يقصده المبتدعة]
وهذا كالألفاظ المتقدمة مثل لفظ: القدم، والحدوث، والجوهر، والجسم، والعرض، والمركب، والمؤلف، والمتحيز، والبعض، والتوحيد،