والمقصود هنا أن الممكن لا يترجح إلا بمرجح، وأن هذا متفق عليه بين العقلاء، والله أعلم.
[فصل]
ثم إن الرازي، مع سلوكه المسلك المتقدم، ذكر أن هذه المتقدمة، أعني أن الممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح، هي مقدمة ضرورية، وأن من لزمه ما يناقضها فهو لم يلزم ذلك، فليس من العقلاء من يلتزم نقيضها، والأقوال المستلزمة نقيض هذه القضية باطلة قطعاً.
وهذا الذي قاله صحيح في الممكن المعلوم أنه ممكن وهو المحدث، فإن وجود المحدث بلا محدث مما يعلم بضرورة العقل امتناعه، وأما الممكن بالمعنى الذي قالوه وهو ما يتناول القديم، فهو يبين أنه باطل، وأنهم لم يثبتوا بهذه الطريق: لا إثبات متمكن ولا إثبات واجب.
ولكن قد ذكر أيضاً أنه من المعلوم بضرورة العقل أن المتساوي الطرفين لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح.