لا يقدر عليه إذا أراده، لم يكن قادراً عليه، فامتنع أن يكون الشيء قادراً على فعل ما يفعله غيره، حال كون الآخر فاعلاً له، ومفعول أحدهما مقدور له.
[فصل. عود إلى كلام ابن رشد في مناهج الأدلة وتعليق ابن تيمية عليه]
فصل.
عود إلى كلام ابن رشد في مناهج الأدلة وتعليق ابن تيمية عليه
وإذا كان حينئذ يمتنع كون الآخر فاعلاً له، وذلك يمنع كونه قادراً عليه، امتنع أن يكونا قادرين على مقدور واحد في حال واحدة، وفاعلين لمفعول واحد في حال واحد، بل لا يقدر أحدهما على الفعل إلا إذا تركه الآخر يفعله، وسكت عن فعله استقلالاً ومشاركة، ولو أراد الآخر أن يفعله، كان الآخر غير قادراً على فعله، فصار المانع لأحدهما من القدرة على الفعل والاستقلال به، كون الآخر قادراً عليه فاعلاً له.
وذلك يوجب بطلان الربين من وجوه:
منها: أن الممنوع الذي منعه غيره لا يكون قادراً، بخلاف من لم يفعل الفعل لكونه هو لم يرده، فإن هذا لا يمنع قدرته على الآخر.
فإذا كان الرجل قادراً على القيام والقعود فاختار أحدهما بدلاً عن الآخر، لم يكن عدم الآخر لعجزه عنه، بل لأنه لم يرده، وهو لا يريد اجتماعهما في حال واحدة، لأن ذلك ممتنع لنفسه، لا لكونه غير قادر، أو لكونه عاجزاً عنه، فإن الممتنع بذاته ليس بشيء يتصور وقوعه.
ولهذا اتفق النظار على أنه ليس بشيء، فلا يدخل في قوله:{إن الله على كل شيء قدير}[البقرة: ٢٠] ، بخلاف من كان لا يقدر أن يفعل فعلاً لأن غيره فعله، فإنه حينئذ يكون غير قادر على أن يفعل مفعول ذلك ولو أراده.