للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن صفات الأجسام، كما يجعلون هم ذلك أصل دينهم، فلما لم يكن الأمر كذلك علم أن الإيمان يحصل بدونها، بل إيمان أفضل هذه الأمة وأعلمهم بالله كان حاصلا بدونها.

فمن قال بعد هذا: إن العلم بصحة الشرع لا يحصل إلا بهذا الطريق ونحوها من الطرق المحدثة كان قوله معلوم الفساد بالاضطرار من دين الإسلام، وعلم أن القدح في مدلول هذه الطرق ومقتضاها، وأن تقديم الشرع المعارض لها، لا يكون قدحا في العقليات، التي هي أصل الشرع، بل يكون قدحا في أمور لا يفتقر الشرع إليها، ولا يتوقف عليها، وهو المطلوب.

فتبين أن الشرع المعارض لمثل هذه الطرق التي إنها عقليات إذا قدم عليها لم يكن في ذلك محذور.

[بطلان استدلال المتكلمين بقصة الخليل على رأيهم]

ومن عجائب الأمور: أن كثيراً من الجهمية نفاة الصفات والأفعال ن ومن اتبعهم على نفي الأفعال: يستدلون على ذلك بقصة الخليل صلى الله عليه وسلم، كما ذكر ذلك بشر المريسي، وكثير من المعتزلة، ومن أخذ ذلك عنهم، أوعمن أخذ ذلك عنهم، كأبي الوفاء بن عقيل وأبي حامد والرازي وغيرهم، وذكروا في كاتبهم أن هذه الطريقة هي طريقة إبراهيم الخليل عليه صلوات الله وسلامه، وهو قوله {لا أحب الأفلين} [الأنعام: ٧٦] .

قالوا: فاستدل بالأفول الذي هو الحركة والانتقال على حدوث ما قام به ذلك، كالكوكب والقمر والشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>