للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تعليق ابن تيمية]

قلت: هذا الذي ذكره أبو المعالي من إنكار القياس في المعقولات وافقه عليه طائفة من المتأخرين، كأبي حامد الرازي وأبي محمد المقدسي، قال: قياس التمثيل إنما يكون في الشرعيات.

والمنطقيون قد يدعون أن قياس التمثيل في العقليات إنما يفيد الظن، وأما جمهور العقلاء فعلى أنه لا فرق بين قياس الشمول وقياس التمثيل في إفادة العلم والظن، فإن مما يجعل في قياس الشمول حداً أوسط يجعل في قياس التمثل مناط الحكم، ويسمى العلة والوصف والمشترك.

فإذا قيل: النبيذ المسكر حرام، لأنه مسكر، وكل مسكر حرام - فهذا قياس شمول، ولا بد له من دليل يدل على صحة المقدمة الكبرى القائلة: كل مسكر حرام فإذا استدل بقياس التمثيل: قال: إنه مسكر فكان حراماً، قياساً على عصير العنب المسكر.

ثم يبين أن العلة في الأصل هو السكر، فالدليل الدال على علة الوصف في الأصل، هو الدال على صحة المقدمة الكبرى، والسكر هو الوصف الذي علق به الحكم، وهو مناطه، وهو المشترك بين الأصل والفرع الذي علق به الحكم، والسكر المتصف بالسكر هو الحد الأوسط المقرر في قياس الشمول، الذي هو محمول في المقدمة الصغرى، موضوع في الكبرى.

وأما ما ذكره عن أحمد فقد أنكره أصحاب أحمد، حتى قال أبو البقاء العكبري لمن قرأ عليه كتاب البرهان: (هذا النقل ليس بصحيح عن مذهب الإمام أحمد) .

وهو كما قال، فإن أحمد لم ينه عن نظر في دليل عقلي صحيح يفضي إلى المطلوب، بل في كلامه في أصول الدين في الرد على الجهمية وغيرهم من الاحتجاج بالأدلة العقلية

<<  <  ج: ص:  >  >>