وقد ذكر القولين عنهم أبو البركات صاحب المعتبر وغيره وهو يختار أنه فاعل بالاختيار مع قوله بقدم الفعل وليست مسألة القدم ملازمة لمسألة الفاعل بالاختيار، لا عند هؤلاء ولا عند هؤلاء، كما ادعاه الرازي على الطائفتين وكذلك القول بإمكان معلول مفعول مقارن لفاعله هو قول بعض القائلين بقدم العالم لا قولهم كلهم ولا قول واحد من أتباع الرسل، ولا ممن يقول بان اله خالق لما برأه محدث له.
وحينئذ فالقول بتقدم الفاعل على مفعوله تقدماً مفعولاً زمانياً وإما مقدراً تقدير الزمان قول جمهور العقلاء فهذا أحد الجوابين.
[الوجه الثاني]
أن يقال: هب أنهم أرادوا بالتقدم تقدم العلة على المعلول، من غير تقدم بالزمان ولا تقدير الزمان، وكان اللازم هو الملزوم، لكن الشيء الواحد إذا عبر عنه بعبارتين تدل كل منهما على وصف غير الوصف الآخر، كان تعدد المعاني نافعاً، وإن كانت الذات واحدة، ولهذا قد تعلم الذات بوصف ولا تعلم بوصف آخر، فإذا كان ذات التقدم ذات العلة فليس المفهوم من نفس العلة هو المفهوم من نفس التقدم، وإن كان متلازمين، بل معنى العلة أنه اقتضاه وأوجبه، ومعنى التقدم أنه قبله.
وقد يفهم السبق والقبلية من لا يعلم أنه علة بعد.
فإذا قيل: لو كان علة قبله كان هذا صحيحاً.
ثم العقل يجزم بأن الشيء لا يكون قبل نفسه، فضلاً عن أن يكون قبل ما هو قبل نفسه، بأي وجه فسر معنى السبق والقبلية.