غيره يكون مسبباً عنه بل قد يكونان مسببين لسبب آخر وإن كان شرطاً فيه.
ثم الكلام في هذا ينجر إلى الفرق بين السبب وجزئه والشرط، وليس هذا موضع استقصائه، فإن المقصود حاصل بدون ذلك، وإنما المقصود هنا أن تقدم العلة الفاعلة على المعلول المفعول أمر معقول عند جماهير العقلاء من الأولين والآخرين وإنما يجوز كون المفعول المعلول مقارناً لفاعله طائفة قليلة من الناس، كابن سينا والرازي ونحوهما.
وقد زعم الرازي في محصله وغيره أن المتكلمين والفلاسفة يجوزون وجود الممكن القديم عن موجب بالذات، وهي العلة القديمة لكن المتكلمون يقولون إنه فاعل بالاختيار فلهذا يمنعون قدم شيء من الممكنات والمتفلسفة يقولون إنه غير فاعل بالاختيار فلهذا قالوا بقدم معلوله، وهذا الذي قاله غلط على الطائفتين جميعاً كما قد بسطناه في موضع آخر.
فالمتكلمون الذين يقولون بامتناع مفعول قديم، يقولون إن ذلك ممتنع على أي وجه قدر فاعله ويقولون: كون الرب فاعلاً بغير الاختيار ممتنع أيضاً وليس امتناع أحدهما مشروطاً بالعلم بامتناع الآخر.
والفلاسفة القائلون بقدم الأفلاك لهم قولان في العلة الأولى: هل هي فاعلة بالاختيار أو موجبة بلا اختيار؟