فاختصاصه بذلك القدر المخصص، ولأنه لو كان متناهياً من جميع الجوانب، لم يكن فوق كل الموجودات، لأنه يكون فوقه أمكنة خالية عنه، والخصم ينفيه) .
[الرد عليه من وجوه: الوجه الأول]
قول من يقول: هو فوق العرش، ولا يوصف بالتناهي ولا بعدمه إذ لا يقبل واحداً منهما، وهو قول من تقدم ممن يقول: هو فوق العرش ولا يوصف بأن له قدراً، كما يقول ذلك من يقوله من أهل الكلام والفقه والحديث والتصوف، من الكلابية والكرامية والأشعرية، ومن وافقهم من أتباع الأئمة من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وغيرهم.
وإذا قال لهم النفاة: هذا ممتنع في بديهة العقل.
قالوا لهم: القول بوجود موجود لا يشار إليه ولا يقبل الوصف بالنهاية وعدمها، ولا بدخول العالم ولا بخروج منه، أظهر فساداً في بديهة العقل، فإنا إذا عرضنا على العقل وجود موجود خارج العالم بائن منه، لا يوصف بثبوت النهاية ولا انتفائها، ووجود موجود لا داخل العالم لا خارجه، ولا بائن ولا محايث ولا متناه ولا غير متناه - كان الثاني أظهر فساداً في العقل كما تقدم نظيره.