للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: حدوث العرض المعين لا بد له من سبب، فذلك السبب: إن كان حادثاً عاد الكلام في سبب حدوثه، ولزم وجود أسباب ومسببات لا نهاية لها دفعة، وهو محال.

وإن كان قديما لم يلزم من قدم المؤثر قدم الأثر، فكذلك في كلية العالم.

[اعتراض الأرموي على الرازي]

وقد اعترض الأرموي على هذا الجواب فقال:

والقائل أن يقول: إن عنيت بالسبب السبب التام فحدوثه لا يدل على حدوث المسبب الفاعل، بل يدل إما على حدوثه أو حدوث بعض شرائطه، وإن عنيت به السبب الفاعل لم يلزم من حدوث العرض المعين حدوثه، بل إما حدوثه أو حدوث بعض الشرائط، وحدوث الشرائط والمعدات الغير متناهية على التعاقب جائز عندكم.

قال: بل الجواب الباهر عنه: أنه لا يلزم من ذلك قدم العالم الجسماني، لجواز أن يوجد في الأزل عقل أو نفس يصدر عنهما تصورات متعاقبة، كل واحد منها بعد ما يليه، حتى ينتهي إلى تصور خاص يكون شرطاً لفيضان العالم الجسماني عن المبدأ القديم.

[رد ابن تيمة على الأرموي]

قلت: الإلزام الذي ألزمهم إياه الرازي صحيح متوجه، وهو الجواب الثاني الذي أجابهم به الغزالي في كتاب التهافت.

وأما اعتراض الأرموي فجوبه: أنه كان التقدير أن العلة التامة مستلزمة لمعلولها، ومعلولها لازم لعلته: امتنع أن يحدث عنها شيء، فما حدث لا بد له من

<<  <  ج: ص:  >  >>