فإن أردتم الأول، لم يكن أحدهما محتاجاً إلى الآخر بل غنياً عن كونه فاعلاً له ولا يلزم أن يكونا واجبي الوجود بمعنى أن كلا منهما هو الواجب بنفسه المبدع للممكنات.
وإن قيل: إن كلا منهما واجب الوجود بمعنى أنه لا مبدع له.
قيل: نعم، ولا نسلم امتناع تعدد مسمى واجب الوجود بهذا التفسير، وإنما يمتنع تعدده بالتفسير الأول فإن الأدلة قامت على أن خالق الممكنات رب واحد لم تقم على نفي صفاته، بل كل من صفاته اللازمة له قديم أزلي، ممتنع عدمه، ليس له فاعل، فإذا عبر عن هذا المعنى بأنه واجب الوجود فهو حق، وإن عني بواجب الوجود ما ليس ملازماً لغيره فليست الذات وحدها واجبة الوجود ولا الصفات بل الواجب الوجود هو الذات المتصفة بصفاتها اللازمة لها، لا سيما وهم يقولون إنها مستلزمة للمعلول، فامتناع ذلك على أصلهم أبلغ، وقد عرف أن كلا من الصفات الذاتية ملازمة للأخرى والصفات ملازمة للذات وليس كل منهما مبدعاً للآخر.
وإن قلتم: كل منهما محتاج إلى الآخر بمعنى انه ملازم له لم يلزم من كونه ملازماً أن يكون معلولاً.
[الوجه الثاني]
وهذا الجواب الثاني وهو أن يقال: ما تعني بواجب الوجود؟