وإن عنيت أنه لا يصدر عنه شيء بعد أن لم يكن شيء من الأشياء صادراً عنه، وهذا هو مراده.
فيقال: غاية ما في هذا دوام فعله.
وحينئذ فهذا لا يستلزم دوام المفعول المعين، لا الفلك ولا غيره بل يجوز تعاقب الأفعال القائمة به، وتعاقب المفعولات المحدثة شيئاً بعد شيء، على قولك، وتعاقبها جميعاً.
وعلى التقديرات الثلاثة، فحدوث الأفلاك ممكن، فيبطل استدلالك على قدمها.
[الوجه الثاني]
أن يقال: حدوث الحوادث المنفصلة عنه شيئاً بعد شيء من غير فعل يقوم به: إما أن يكون ممكناً، وإما ألا يكون.
فإن لم يكن ممكناً بطل قولكم، بأن سبب الحوادث هو حركات الفلك.
وإن كان ممكناً أمكن حدوث حوادث متعاقبة، الفلك واحد منها.
كما أخبرت بذلك الأنبياء، وهو قول قدماء الفلاسفة وأساطينهم.
[الوجه الثالث]
أن يقال: دوام حدوث الحوادث إما أن يكون ممتنعاً، أو ممكناً، كما ذكرت.
فإن كان ممتنعاً لزم حدوث الأجسام وحركاتها، ودخل في ذلك الفلك وغيره.
وإن كان ممكناً، لم يجب أن يكون الفلك دائماً، بل يجوز أن يكون حادثاً بعد حوادث قبله كما تقدم.
[الوجه الرابع]
أن يقال: قولكم: إما أن يكون المرجح نفسه، أو على ما أخذ من صفاته وهو دائم، فيجب دوام الترجيح، ودوام وجود المعلول.