الكلام في كل حادث يفرض بالنسبة إلى علته، كالكلام في معلول واجب الوجود، وهو خلاف المعقول والمحسوس، وما هو الجواب فيما اعترف به من الحوادث فهو الجواب فيما نحن فيه، ولا بد من التفاتهم في ذلك إلى الإرادة النفسانية، وبيان انتفائها عن واجب الوجود.
وقد عرف ما فيه.
[تعليق ابن تيمية]
قلت: قد يظنون أنهم يجيبون عن هذه المعارضة بأن الحوادث اليومية مشروطة بحدث بعد حادث، وهذا يقتضي التسلسل في الآثار، والتسلسل في الآثار عندهم ليس بمحال.
وحقيقة قولهم: إن المرجح القديم هو دائم الترجيح، والحوادث المنفصلة عنه تحدث شيئاً بعد شيء.
ثم قد يعينون ذلك بحركة الفلك، فيقولون: هي الحادثة شيئاً بعد شيء.
ومن حذق منهم كابن سينا علم أن هذا جواب باطل، وأن حدوث حادث بعد حادث عن القديم من غير تجدد شيء ممتنع.
فادعى ما هو أفسد من ذلك فقال: إن الحركة لا توجد شيئاً بعد شيء، وإنما هي شيء موجود دائماً، وأن ما يوجد شيئاً بعد شيء لا وجود له في الخارج، بل في الذهن.
وهذه مكابرة بينة، قد بسط الكلام عليها في شرح الأصبهانية.
وقد اعترف حذاقهم بأن حدوث الحوادث شيئاً بعد شيء عن ذات لا يقوم بها حادث مما تنكره العقول.
وأما من اعترف منهم بقيام الأمور الاختيارية بذاته، فيقال لهم: هذا أدل على حدوث المفعولات.
ويقال للطائفتين: إذا جوزتم ذلك، لم يكن لكم دليل على قدم شيء من العالم.