[النور: ٣٥] وقال تعالى {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون}[الأعراف: ١٥٧] .
فأهل الجهل البسيط منهم أهل الشك والحيرة من هؤلاء المعارضين للكتاب المعرضين عنه، وأهل الجهل المركب أرباب الاعتقادات الباطلة التي يزعمون أنها عقليات.
وآخرون ممن يعارضهم يقول: المناقض لتلك الأقوال هو العقليات.
ومعلوم أنه حينئذ يجب فساد أحد الاعتقادين أو كليهما، والغالب فساد كلا الاعتقادين، لما فيهما من الإجمال والاشتباه، وأن الحق يكون فيه تفصيل يبين أن مع هؤلاء حقاً وباطلاً، ومع هؤلاء حقاً، والحق الذي مع كل منهما هو الذي جاء به الكتاب الذي يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، والله أعلم.
[معارضة دليلهم بنظير ما قالوه. الوجه العاشر]
معارضة دليلهم بنظير ما قالوه.
الوجه العاشر
أن يعارض دليلهم بنظير ما قالوه، فيقال: إذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم النقل، لأن الجمع بين المدلولين جمع بين النقيضين، ورفعهما رفع للنقيضين، وتقديم العقل ممتنع، لأن العقل قد دل علي صحة السمع ووجوب قبول ما أخبر به الرسول صلي الله عليه وسلم، فلو أبطلنا النقل لكنا قد أبطلنا دلالة العقل، وإذا أبطلنا دلالة العقل لم يصلح أن يكون معارضاً للنقل، لأن ما ليس بدليل لا يصلح لمعارضة شيء من الأشياء، فكان تقديم العقل موجبا عدم تقديمه، فلا يجوز تقديمه.
وهذا بين واضح، فإن العقل هو الذي دل علي صدق السمع وصحته وأن خبره مطابق لمخبره، فإن جاز أن تكون هذه الدلالة باطلة لبطلان النقل لزم أن لا يكون