للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينحوها، فإنه يلزم أن يوجد في جوهره شوق بالطبع إلى حال لا تملكها إرادته، والمشتاق معلول من جهة شوقه للشيء المشوق له، والشيء المشوق له مبدأ له في ذلك الشوق، ومن جهة أنه هو له علة تمامية من جهة من الجهات.

وليس يليق هذا الأمر البتة بالمبدأ الأول، ولكنه مبدأ لكل طبيعة ولكل شوق ولكل حركة.

[فساد كلام آخر له من وجوه. الوجه الأول]

فساد كلام آخر له من وجوه.

الوجه الأول

هذا كلامه ولقائل أن يقول: هذا الكلام قد كشف فيه قوله ومذهبه، وقد تبين في ذلك من التناقض والفساد ما يطول ذكره بالوصف والتعداد.

وذلك من وجوه:

قول أرسطو: إن المحرك الأول هو علة كل ما في الكون بالتشوق، والمتشوق إليه إنما تشوق بجهة طبيعته لا إرادته، ولأنه قد يكون المعشوق المتشوق إليه نائما أو غير ذي إرادة، وهو يحرك المشتاق إليه والعاشق له، إلا أنه ينبغي أن يترك أمر العلة الأولى في جوهرها وسائر أمورها، على أفضل ما يمكن أن يوجد شيء عليه، فإذن ليس يؤثر أثراً، ولا يفعل فعلاً، لا عن إرادتها، ولا بدون إرادتها إلى آخر كلامه.

فيقال له: قد صرحتم في كلامكم بأن الأول ليس له فعل بإرادة، ولا بدون إرادة، ولا تأثير في العالم أصلاً إلا من جهة كونه معشوقاً متشوقاً إليه، والمعشوق المتشوق إليه لا يجب أن يكون شاعراً بالعاشق، ولا مريداً له، ولا قادراً على فعل يفعله به، بل الجمادات تحب ويشتاق إليه، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>