العالم، كما لا صنع لها في وجود جوهرها، إذ كان وجود العالم غير ممكن تأخره عن وجود جوهر العلة الأولى، فيكون وجوده لازماً اتباعه لوجود العلة الأولى، فتكون العلة الأولى علة طبيعية للعالم ومتممة له، فيكون القياس في ذلك كالقياس فيما يفعله الفلك ويؤثره بطبيعته، إذ وجود ذلك مع وجود جوهر الفلك، لا سيما وأرسطو طاليس يقول: إن المحرك الأول هو علة حركة كل ما في الكون بالتشوق.
فالأولى على ظاهر الأمر أن يكون الشيء المتشوق إليه تشوق بجهة طبيعته لا بإرادته، لأنه قد يمكن أن يكون المعشوق المتشوق إليه نائماً أو غير ذي إرادة، وهو يحرك المشتاق إليه والعاشق له، إلا أنه ينبغي أن يترك أمر العلة الأولى في جوهرها وسائر أمورها، على أفضل ما يمكن أن يكون وجود شيء عليه.
فإذن ليس يؤثر جوهر هذه العلة أثراً ولا يفعل فعلاً منقلباً عن قصدها وإرادتها، ولا دون إرادتها، إذ ليس في هذه الذات نقص يحتاج فيه إلى تمام من خارج، ولا فوق جوهرها أمر تقتبس منه ازدياد في شيء من حاله، ولا يعرض لها أمر تحتاج إلى استدفاعه.
فجوهرها إذن ليس فيه شوق إلى شيء، ولا منافرة لشيء، ولا قبول لتغيير، ولا لحدوث شأن متجدد له.
فليس يوجد إذن أمر يحدث هذه الذات بالطبع وبغير إرادة، وليس يوجد إذن أمر يدعو هذه الذات في حال أو شأن، ليس هي المبدأ الأول له، والعلة فيه.
وبالجملة فكل ما كان له ما هو الطبع على الجهة الطبيعية التي