وإذ قد عرف ما قله الناس من جميع الطوائف في مسألة الأفعال الاختيارية القائمة بذات الله تعالى، وضعف أدلة النفاة واعتراف أب يعبد الله الرازي وغيره بذلك، وانه اعتمد على حجة الكمال والنقصان، وهي ضعيفة أيضاً كما تقدم، وذكر هو وأبو الحسن الآمدي ومن اتبعهما ادلة نفاة ذلك، وأبطلوها كلها ولم يستدلوا على نفي ذلك إلا بأن ما يقوم به: إن كان صفة كمال كان عدمه قبل حدوثه نقصاً وإن كان نقصاً لزم اتصافه بالنقص والله منزة عن ذلك.
[ضعف تضعيف الرازي وغيره لحجة الكمال والنقصان]
وهذه الحجة ضعيفة ولعلها أضعف مما ضعفوه فإن لقائل أن يبطلها من وجوه كثيرة.
الوجه الأول
أن يقال: القول في افعاله القائمة به الحادثة بمشيئته وقدرته، كالقول في أفعاله التي هي المفعولات المنفصلة التي يحدثها بمشيئته وقدرته.
فإن القائلين بقدم العالم أوردوا عليهم هذا السؤال فقالوا الفعل إن كان صفة كما لزم عدم الكمال له في الأزل وإن كان صفة نقص لزم اتصافه بالنقائص فأجابوهم بأنه ليس صفة نقص ولا كمال.
وهذا كما أن من حجج النفاة أنه لو كان قابلاً لقيام الحادث به لكان القبول من لوازم ذاته ووجود المقبول في الأزل محال.