وضلالهم ما يطور وصفه، وتبين له أن ضلال هؤلاء في العقليات من جنس ضلالهم في السمعيات، وأنهم كما أخبر تعالى عن أصحاب النار:{وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير}[الملك: ١٠] .
وكان من أصول الإلحاد والتعطيل - الذي سموه توحيداً - هو فرارهم من تعدد صفات الواحد الحق، وتعدد أسمائه وكلامه، مع ذلك لا محذور فيه، بل هو الحق الذي لا يمكن جحده.
ومن فهم هذا انحل له ما يقوله من يقوله من المتفلسفة: أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، وما يقوله من تركيب الأنواع من الأجناس والفصول، وأن ذلك الفرض الذي تتركب منه هذه الحقائق هو أيضاً أمر يقدر في الذهن لا حقيقة له في الخارج، وما يقولونه من أن الواحد لا يكون فاعلاً وقابلاً، وأمثال ذلك مما يعبرون عنه بلفظ الواحد هو واحد يقدر في الأذهان، لا حقيقة له في الخارج.
[الرد على قولهم: أن القرآن لم يدل على العلو والصفات من وجوه]
وإن قيل: إن القرآن لم يدل على العلو والصفات لا بنفي ولا إثبات، كان هذا أيضاً باطلاً ومعلوم الباطلان من وجوه:
[الوجه الأول]
أن العلم بدلالة النصوص على العلو والصفات أمر ضروري، فالقدح فيه من جنس القدح في ما دل عليه القرن من خلق السماوات والأرض، ومن نعيم الجنة والنار.
ولا ريب أن دلالة القرآن والحديث على ذلك أعظم من دلالته على الميزان والشفاعة والحوض