جمهور العقلاء ينكرونه، مع دعوى النظام أن في كل جسم من ذلك ما لا يتناهى.
الثاني: الجواهر العقلية التي يثبتها من يثبتها من المتفلسفة، مع أن جمهور العقلاء يعلمون بالضرورة أنها إنما هي في الأذهان لا في الأعين، مثل الكليات المطلقة التي توصف بها العيان.
وهم يقولون إن الحقائق الموجودة بالخارج - الذي يسمونها الأنواع، كالإنسان والفرس وغيرها من أنواع الحيوان - مركبة من هذه، ومثل المادة الكلية والصورة الجوهرية اللتين يدعون أنهما جوهران عقليان يتركب منهما كل جسم، ومثل العقول العشرة التي يدعون أنها مجردات - فإن هؤلاء يصورون أن ما يعقله الإنسان من المعقولات المجردات المفارقات للأعيان المحسوسة، فتوهموها أنها تلك المعقولات المجردات هي موجودة في الخارج مفارقات للأعيان محسوسة، وإنما هي أمور متصورة في الأذهان، لا أنها موجودة مع كونها كلية أو مع كونها مجردة في الأعيان، ثم يدعون تركيب الأنواع منها، كما يدعي أولئك تركب الأعيان من الأجزاء التي يسمونها الجواهر المنفردة.
وقد بسط الكلام على هذه الأمور في موضع آخر، وبين أن هذا الواحد الذي يثبتون في العلم الإلهي والطبيعي والمنطقي لا حقيقة له إلا في الأذهان.