قلت: ولقائل أن يقول: ما ذكره القاضي أبو بكر ليس فيه جواب عن الأشعري، بل كلام الأشعري صحيح في نفسه لا يحتاج إلى ما ذكره.
وبيان ذلك من وجهين:
أحدهما: أن كلام الأشعري ليس فيه إقامة دليل على هذه المقدمة التي جعلها القاضي نظرية، وهو تعلق الفعل بالفاعل، وأن المخلوق لا بد له من خالق.
بل الأشعري ذكر هذه المقدمة ذكراً مطلقاً، وجعلها مسلمة، ولم ينازع فيها من يعبأ فيها من يعبأ به، ولهذا لا يعرف في أهل المقالات المعروفة من نازع فيها.
وقول القاضي: إن كثيراً من الدهرية والفلاسفة يقولون: إنه محدث من غير محدث، فهذا القول إنما يحكي عن شرذمة لا يعرف منهم وقد تأول الشهرستاني وغيره ذلك بأنهم أرادوا به أن سبب حدوثه كان بالاتفاق، لا أنهم أنكروا الصانع، وحينئذ فيكونون قد أثبتوا فاعلاً ولم يثبتوا سبباً للحدوث.