وإذا دلت هذه الحجة فإنما تدل على حدوث التركيب الذي هو عرض، لا تدل على حدوث الجواهر إلا بالطريقة الأولى، وهي إثبات حدوث التركيب، وامتناع حوادث غير متناهية.
وهذه الطريقة تسلكها الكرامية ونحوهم، ممن يقول: إن الله جسم قديم أزلي، وإنه لم يزل ساكناً ثم تحرك لما خلق العالم، ويحتجون على حدوث الأجسام المخلوقة بأنها مركبة من الجواهر المفردة، فهي تقبل الاجتماع والافتراق، ولا تخلو من اجتماع وافتراق، وهي أعراض حادثة لا تخلو منها، وما لا يخلو من الحوادث فهو حادث.
وأما الرب فهو عندهم واحد لا يقبل الاجتماع والافتراق، ولكنه لم يزل ساكناً.
والسكون عندهم أمر عدمي وهو عدم الحركة عما من شأنه أن يتحرك، كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة.
وهؤلاء يقولون: إن الباري لم يزل خالياً من الحوادث حتى قامت به، بخلاف الأجسام المركبة من الجواهر المفردة، فإنها لا تخلو من الاجتماع والافتراق.
[بقية كلام الشهرستاني]
قال الشهرستاني: (وربما سلك أبو الحسن طريقاً في حدوث الإنسان بكونه من نطفة أمشاج، وتقلبه في أطوار الخلقة، وأكوار الفطرة، وليس يشك في أنه ما غير ذاته ولا بدل