للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأزل، فإذن قد حدثت عليته -علية الفاعل والغاية- بعد أن لم تكن، فيجب أن يكون الأول قد صار علة فاعلية وغائية بعد أن لم يكن لكل ما يحدث على قلولكم، وهذا يبطل ما ذكرتموه فيه.

ثم يقال: إذا كان هذا جائزاً فيه، جاز أن يكون حدوث الأفلاك لحدوث علية حدوثها، وأن تكون قبلها حوادث قائمة به أو منفصلة عنه متعاقبة، ليس فيها ما هو قديم بعينه.

[الوجه الثاني]

أن يقال: لم قلت: إن ما هو بالقوة لا يخرجه فاعله بغير علة منفصلة؟ قوله: لأنه إن لم يكن لإخراجه سبب غير ذاته فيجب أن يكون مقارناً للذات، وإن كان له سبب غير ذاته، لم تكن العلة الأولى مبدأ أولاً على الحقيقة.

فيقال له: وأنت لم تجعل الأول مبدأً لوجود ما سواه، بمعني أنه فاعل له مبدع، وإنما جعلته مبدأً بمعنى أنه محبوب معشوق.

ومجرد كونه محبوباً معشوقاً لا يوجب وجود المحب وذاته وصفاته وأفعاله.

فليس الأول على ما ذكروه وحده مبدأ، بل ما ذكرته أبعد عن كونه مبدأً، لأن كونه فاعلاً يتوقف فعله على شيء من غير أقرب إلى كونه مبدأً، من كونه ليس إلا مجرد كونه محبوباً.

[الوجه الثالث]

أن يقال: ما تعني بقولك: إن كان ليس لإخراجه سبب غير ذاته؟ أتعني به ذاتاً مجردة عن فعل يقوم بها، أم ذاتاً موصوفة بفعل يقوم بها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>