كونه تعالى لا يقدر في الأبد على الأفعال، فكذلك قول من قال: لا يقدر في الأزل على الأفعال، وقول أبي الهذيل:(إنه تعالى لا يقدر على أفعال حادثة في الأبد) يشبه قول من قال: (لا يقدر على أفعاله حادثة في الأزل) ، وقد بسط الكلام على هذا، وقول من يفرق بين النوعين في غير هذا الموضع.
[الاستدلال على النفي والرد عليه]
وقد استدل بعضهم عل النفي بدليل آخر، فقال: إن كل صفة تفرض لواجب الوجود فإن حقيقته كافية في حصولها أولا حصولها وإلا لزم افتقاره إلى سبب منفصل، وهذا يقتضي إمكانه، فيكون الواجب ممكناً، هذا خلف، وحينئذ يلزم من دوام حقيقته دوام تلك الصفة.
والمثبتون يجيبون عن هذا بوجوه:
أحدها: أن هذا إنما يقال فيما كان لازماً لذاته في النفي أو الإثبات، أما ما كان موقوفاً على مشيئته وقدرته كأفعاله فإنه يكون إذا شاءه الله تعالى، ولا يكون إذا لم يشأه، فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فإن بين المستدل أنه لا يجوز ان يقوم بذاته ما يتعلق بمشيئته وقدرته كان هذا وحده كافياً في المسألة، وإن لم يبين ذلك لم يكن فيما ذكره حجة.