أن يقال: فعلى هذا التقدير يمتنع تعارض العقل والسمع، إذا لم يكن للسمع ظاهر يخالف العقل.
وهذا هو كان صلب الكلام، وإنما ذكرنا مسألة العلو على طريق التمثيل، لنهم يذكرون ذلك فيها.
فيقال: ليس في ظاهر القرآن ما يخالف الأدلة العقلية وهو المطلوب.
[الوجه الخامس]
أن الهمم والدواعي متوفرة على طلب العلم بهذه المسائل، وهي من أجل علوم الدين، ومعرفتها إما واجبة أو مؤكدة الاستحباب.
وما كان كذلك يمتنع في الشرع والعادة أن الرسول لا يبين أمرها بالنفي ولا إثبات.
[الوجه السادس]
أن العلم بهذه المسائل إما أن يكون من الدين، وإما أن لا يكون.
فإن قيل: ليس ذلك من الدين، بحيث لا يكون العلم بها أفضل من الجهل بها، وهذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وكل دين، فإن العلم بالله وما يستحقه من الأسماء والصفات لا ريب أنه مما يفضل الله به بعض الناس على بعض، أعظم مما يفضلهم بغير ذلك من أنواع العلم.
ولا ريب أن ذلك يتضمن من الحمد لله، والثناء عليه، وتعظيمه وتقديسه، وتسبيحه وتكبيره - ما يعلم به أن ذلك مما يحبه الله ورسوله.
سواء قيل: إن ذلك واجب أو مستحب، فمقصود أنه من المحمود الحسن المفضل عند الله ورسوله، فيكون ذلك من الدين.
وقد قال تعالى:{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}[المائدة: ٣] .