ومع هذا فيقال له: تقدير كون الحركة المعينة في الأزل ومسبوقة بأخرى جمع بين النقيضين، فهو ممتنع لذاته، والممتنع لذاته يلزمه حكم ممتنع، فلا يضر ما لزم على هذا التقدير.
وأما على التقدير الآخر - وهو حصول شيء منها في الأزل مع كونه مسبوقاً - فقد أجابوا الأرموي: بأن وجود الحركة المعينة في الأزل محال أيضاً، وإذا كان ذلك ممتنعاً جاز أن يلزمه حكم ممتنع، وهو كون الأزلي مسبوقاً بالغير، وإنما الأزلي هو الجنس، وليس مسبوقاً بالغير.
وقد اعترض بعضهم على هذا الاعتراض بأن قال: فحيئنذ ليس شيء من الحركات حاصلاً في الأزل، إذ لو حصل في الأزل لا متنع زواله، وما هذا شأنه يمتنع كوناً أزلياً.
وجواب هذا الاعتراض أن يقال: ليس شيء من الحركات المعينة في الأزل، إذ ليس شيء منها لا أول له، بل كل واحد منها له أول، لكن جنسها: هل له أول؟ وهذا غير ذلك، والمنازع يسلم أن ليس شيء من الحركات المعينة أزلياً، وإنما نزاعه في غير ذلك، كما أنه يسلم أنه ليس شيء من الحركات المعينة أبدياً، مع أنه يقول: جنسها أبدي.