ويقال لكم: لم لا يجوز أن يكون هو المراد المحبوب، فيكون محباً لنفسه، فهو المحب وهو المحبوب؟ أو يكون مريداً محتاجاً لما هو مفعول له، فيكون هو مراده، فلا يكون في ذلك احتياجه إلى غيره؟
وأنتم تقولون ما هو موجود في كتبكم: إن الأول عاشق ومعشوق وعشق، ولذيذ وملتذ، ومبتهج ومبتهج به، فإذا جاز عندكم أن يكون محباً محبوباً، مريداً مراداً، فلم لا يجوز أن يكون إذا فعل بالمحبة والإرادة، هو المحبوب المراد؟
وعلى اصطلاحكم: هو العاشق المعشوق؟ وعلى هذا التقدير يبطل أصلاً كلامكم، ويمكن وصفه بصفات الكمال وبالأفعال الكاملة الإرادية، التي لا يفتقر فيها إلى غيره، ولا يكون فيه نقص يحتاج فيه إلى تمام من خارج.
[الوجه العشرون]
أنكم تقولون: إن العالي لا يفعل لأجل السافل، وإن حركة الفلك الإرادية لا يجوز أن تكون لأجل السفليات، لكن لزم حصول ما حصل عن حركته الإرادية بالقصد الثاني.
وإنما مقصوده بحركته الإرادية التشبه بمحبوبه الأعلى.
وإذا كان الأمر كذلك، فلم لا يجوز أن يكون الأول هو المريد والمراد، والمحبوب والمحب؟ وهو لا يريد شيئاً لأجل شيء سواه، ولكن محبته لنفسه وإرادته لها، استلزم وجود المفعولات، كما قلتموه فيما صدر عن الأفلاك.
وإذا قيل: هو فاعل باختياره وإرادته، فعلاً يستلزم وجود المعلولات، كان كما قلتم مثل ذلك في حركة الفلك، فهذا القول جاز على