وإذا كان كذلك قيل: السمع دلالته معلومة متفق عليها، وما يقال إنه معارض لها من العقل ليست دلالته معلومة متفقاً عليها، بل فيها نزاع كثير، فلا يجوز أن يعارض ما دلالته معلومة باتفاق العقلاء، بما دلالته المعارضة له متنازع فيها بين العقلاء.
واعلم أن أهل الحق لا يطعنون في جنس الأدلة العقلية، ولا فيما علم العقل صحته، وإنما يطعنون فيما يدعي المعارض أنه يخالف الكتاب والسنة.
وليس في ذلك ـ ولله الحمد ـ دليل صحيح في نفس الأمر، ولا دليل مقبول عند عامة العقلاء، ولا دليل لم يقدح فيه بالعقل.
وحينئذ فنقول في:
[الوجه الثاني عشر. كل ما عارض الشرع من العقليات فالعقل يعلم فساده]
الوجه الثاني عشر.
كل ما عارض الشرع من العقليات فالعقل يعلم فساده
إن كل ما عارض الشرع من العقليات فالعقل يعلم فساده، وإن لم يعارض العقل، وما علم فساده بالعقل لا يجوز أن يعارض به لا عقل ولا شرع.
وهذه الجملة تفصيلها هو الكلام علي حجج المخالفين للسنة من أهل البدع بأن نبين بالعقل فساد تلك الحجج وتناقضها، وهذا ـ ولله الحمد ـ مازال الناس يوضحونه، ومن تأمل ذلك وجد في المعقول مما يعلم به فساد المعقول المخالف للشرع ما لا يعلمه إلا الله.