للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن عنيت الأول، كان اللازم أن الذات المجردة عن الفعل ليست مبدأً أول، ولا علة أولى.

وهم يلتزمون هذا، فإن الذات المجردة من الفعل لا حقيقة لها عندهم، وهم يمنعون أن يكون الأول كذلك.

وإن عنيت الثاني، لم يلزم أن يكون المبدأ الأول بمبدأ أول، لأنه إذا كان مبدأً بما هو عليه من صفاته وأفعاله التي لا يحتاج فيها إلى غيره، كان هو المبدأ الأول من غير احتياج إلى غيره.

[الوجه الرابع]

أن يقال: العالم إن كان واجب الوجود بنفسه مع كونه مفتقراً إلى محبوب، كان واجب الوجود معلولاً من بعض الجهات، فجاز حينئذ أن يكون المحبوب الأول، مع وجوب وجوده بنفسه، من خارج ما به يصير فاعلاً، فإن العالم حينئذ واجب الوجود، وله من خارج ما به يصير فاعلاً.

وإن كان ممكن الوجود بنفسه، لم يوجد إلا بمبدع فاعل يبدعه، فالإبداع فعل من المبدع وصنع وأنت لم تجعل الأول إلا محبوباً فقط.

وأيضاً فإذا كان الأول فاعلاً مبدعاً للعالم، بما فيه من الأمور المختلفة المحدثة، امتنع أن يكون صانعاً بالفعل لها في الأزل، لأن ذلك يستلزم وجود كل من المحدثات في الأزل وهو مكابرة للحس.

فيلزم أنه كان صانعاً بالقوة، ثم صار صانعاً بالفعل، من غير سبب خارج عنه، إذ الخارج عنه كله على هذا التقدير ممكن مفعول له، ففعله له لو توقف على تأثير فيه لزم الدور.

<<  <  ج: ص:  >  >>