للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إما أن نمتنع عن التكلم بالألفاظ المبتدعة. وإما نقبل ما وافق معناه الكتاب والسنة]

إما أن نمتنع عن التكلم بالألفاظ المبتدعة.

وإما نقبل ما وافق معناه الكتاب والسنة

وإذا كانت هذه الألفاظ مجملة ـ كما ذكر ـ فالمخاطب لهم إما أن يفصل ويقول: ما تريدون بهذه الألفاظ؟ فإن فسروها بالمعني الذي يوافق القرآن قبلت، وإن فسروها بخلاف ذلك ردت.

وإما أن يمتنع عن موافقتهم في التكلم بهذه الألفاظ نفياً وإثباتاً، فإن امتنع عن التكلم بها معهم فقد ينسونه إلي العجز والانقطاع، وإن تكلم بها معهم نسبوه إلي أنه أطلق تلك الألفاظ التي تحتمل حقاً وباطلاً، وأوهموا الجهال باصطلاحهم: أن إطلاق تلك الألفاظ يتناول المعاني الباطلة التي ينزه الله عنها، فحينئذ تختلف المصلحة، فإن كانوا في مقام دعوة الناس إلي قولهم وإلزامهم به أمكن أن يقال لهم: لا يجب علي أحد أن يجيب داعياً إلا إلي ما دعا إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم، فما لم يثبت أن الرسول دعا الخلق إليه لم يكن علي الناس إجابة من دعا إليه، ولا له دعوة الناس إلي ذلك، ولو قدر أن ذلك المعني حق.

وهذه الطريق تكون أصلح إذا لبس ملبس منهم علي ولاة الأمور، وأدخلوه في بدعتهم، كما فعلت الجهمية بمن لبسوا عليه من الخلفاء حتى أدخلوه في بدعتهم من القول بخلق القرآن وغير ذلك، فكان من أحسن إلي مناظرتهم أن يقال: ائتونا بكتاب أو سنة حتى نجيبكم إلي ذلك، وإلا فلسنا نجيبكم إلي ما لم يدل عليه الكتاب والسنة.

وهذا لأن الناس لا يفصل بينهم النزاع إلا كتاب منزل من السماء، وإذا ردوا إلي عقولهم فلكل واحد منهم عقل، وهؤلاء المختلفون يدعي أحدهم: أن العقل أداه إلي علم ضروري ينازعه فيه الآخر، فلهذا لا يجوز أن يجعل الحاكم بين الأمة في موارد النزاع إلا الكتاب والسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>