للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا شرك، فهذا ونحوه من التوحيد الذي بعث الله به رسله، وهم لا يدخلونه في مسمي التوحيد الذي اصطلحوا عليه، وأدخلوا في ذلك نفي صفاته، فإنهم إذا قالوا: لا قسيم له، ولا جزء له، ولا شبيه له، فهذا اللفظ ـ وإن كان يراد به معني صحيح ـ فإن الله ليس كمثله شيء، هو سبحانه لا يجوز عليه أن يتفرق، ولا يفسد، ولا يستحيل، بل هو أحد صمد، والصمد: الذي لا جوف له، وهو السيد الذي كمل سؤدده، فإنهم يدرجون في هذا نفي علوه علي خلقه ومباينته لمصنوعاته، ونفي ما ينفونه من صفاته، ويقولون: إن إثبات ذلك يقتضي أن يكون مركباً منقسماً، وأن يكون له شبيه.

وأهل العلم يعلمون أن مثل هذا لا يسمي في لغة العرب التي نزل بها القرآن تركيباً وانقساماً، ولا تمثيلاً، وهكذا الكلام في مسمى الجسم والعرض والجوهر والمتحيز وحلول الحوادث وأمثال ذلك، فإن هذه الألفاظ يدخلون في مسماها الذي ينفونه أموراً مما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله، فيدخلون فيها نفي علمه وقدرته وكلامه، ويقولون: إن القرآن مخلوق، لم يتكلم الله به، وينفون بها رؤيته، لأن رؤيته، لأن رؤيته علي اصطلاحهم لا تكون إلا لمتحيز في جهة وهو جسم، ثم يقولون: والله منزه عن ذلك: فلا تجوز رؤيته.

وكذلك يقولون: إن المتكلم لا يكون إلا جسماً متحيزاً، والله ليس بجسم متحيز فلا يكون متكلماً، ويقولون: لو كان فوق العرش لكن جسماً متحيزاً، والله ليس بجسم متحيز، فلا يكون متكلماً فوق العرش، وأمثال ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>