وقول القائل: العلة متقدمة على المعلول وإن قارنته بالزمان، وجعله الباري مع العالم بهذه المنزلة.
الوجه الأول
يقال له إن أردت بالعلة ما هو شرط في وجود المعلول لا مبدعاً له كان حقيقة قولك: إن واجب الوجود ليس هو مبدعاً للمكنات ولا رباً لها، بل وجوده شرط في وجودها , وهذا حقيقة قول هؤلاء فالرب على أصلهم والعالم متلازمان كل منهما شرط في الآخر والرب محتاج إلى العالم، كما أن العالم محتاج إلى الرب وهم يبالغون في إثبات غناه عن غيره، وعلى أصلهم فقره إلى غيره كفقر بعض المخلوقات.
وغاية المتخذلق منهم كأرسطو أن يجعل الفلك واجب الوجود لا يقبل العدم مع كونه مفتقراً إلى المبدأ الأول لأجل التشبيه به، ويجعل المبدأ الأول غنياً عما سواه، لكن من التناقض أن يقول: إن واجب الوجود مفتقر إلى غيره، وأيضاً فالأزلي الذي يثبته لا حقيقة له، كما قد بسط في موضع آخر.
وإن أراد بالعلة ما هو مبدع للمعلول له فهذا لا يعقل مع كون زمانه المعلول، لم يتقدم على المعلول تقدماً حقيقاً، وهو التقدم المعقول.