للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه إذا زعم أن الحق والهدى هو قول نفاة الصفات الذي يعلم بالعقل عنده، فمعلوم أن كلام الله ورسوله لم يدل على قول النفاة.

دلالة يحصل بها الهدى والبيان للمخاطبين بالقرآن، إن كان قول النفاة هو الحق.

ومعلوم أن كلام الله ورسوله دل على إثبات الصفات المناقض لقول النفاة، دلالة بينة بقول جمهور الناس: إنها دلالة قطعية على ذلك.

والمعتزلة ونحوهم من النفاة معترفون بأنها دلالة ظاهرة، فإذا كان الرسول لم يظهر للناس إلا إثبات الصفات دون نفيها، وكان الحق في نفس الأمر نفيها، لكان بمنزلة الشخص الذي كتم الحق وذكر نقيضه.

وهذا خلاف ما نعته الله في كتابه، فدل على أن هذا الطريق التي يسوغ فيها تقديم عقول الرجال- في أصول التوحيد والإيمان على كلام الله ورسوله، تناقض دين الرسول مناقضة بينة، بل مناقضة معلومة بالاضطرار من دين الإسلام، لمن تدبر حقيقة هذا القول وعرف غائلته ووباله.

وحينئذ فنقول:

[الوجه الرابع والعشرون]

إنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن الرجل لو قال للرسول: هذا القرآن أو الحكمة الذي بلغته إلينا قد تضمن أشياء كثيرة تناقض ما علمنا بعقولنا، ونحن إنما علمنا صدقك بعقولنا، فلو قبلنا جميع ما تقوله،

<<  <  ج: ص:  >  >>