للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظائر هذا في القرآن كثيرة.

وإذا كان كذلك فيقال: أمر الإيمان بالله واليوم الآخر: إما أن يكون الرسول تكلم فيه بما يدل على الحق، أو بما يدل على الباطل، أو لم يتكلم: لا بما يدل على حق، ولا بما يدل على باطل.

ومعلوم أنه إذا قدر في شخص من الأشخاص أنه لم يتكلم في أمر الإيمان بالله واليوم الآخر: لا بحق ولا بباطل، ولا هدى ولا ضلال، بل سكت عن ذلك، لم يكن قد هدى الناس، ولا أخرجهم من الظلمات إلى النور، ولا بين لهم، ولا كان معه ما يستضيء به السالك المستدل.

فإن قدر أن هذا الشخص تكلم بما يفهم منه نقيض الحق، وبما يدل على ضد الصواب، وكان مدلول كلامه في ذلك معلوم الفساد بصريح العقل- لكان هذا الشخص قد أضل بكلامه وما هدى، وكان مخرجا لمن اتبعه بكلامه من النور إلى الظلمات، كحال الطاغوت الذين قال الله فيهم: {والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} [البقرة: ٢٥٧] .

ومن زعم أن ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة، قد عارضه صريح المعقول الذي يجب تقدمه عليه، فقد جعل الرسول شبيهاً بالشخص الثاني الذي أضل بكلامه من وجه، ويجعله بمنزلة من جعله كالساكت الذي لم يضل ولم يهد من وجه آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>