وأما الحياة والموت: فقد ينازعه من ينازعه من النظار في ذلك.
فإن نظار المسلمين وغيرهم متنازعون في الموت: هل هو وجودي أو عدمي؟.
ثم من قال: إنه عدمي، يقول كثير منهم: إن هذين متقابلان، تقابل العدم والملكة.
وما لا يقبل الحياة والموت، كالجماد، لا يوصف بواحد منهما.
لكن القاضي وجمهور الناس، يردون على هؤلاء: بأنه هذا اصطلاح منكم لا يلزمنا.
ويقولون: إنا نفسر الموت بما يكون النزاع معه لفظياً.
ويقول القاضي وأكثر الناس: إن كل جسم فإنه يقبل الحياة.
لكن الذي يقال له: الجسم، لا يخلو من أن يكون حياً أو ميتاً، كما لا يخلو من أن يكون متحركاً أو ساكناً، واتصافه بالحياة لايستلزم إمكان اتصافه بالموت.
فإن القديم سبحانه موصوف بالحياة والعلم والقدرة، ولا يمكن اتصافه بضد ذلك.
وحينئذ: فلا يمكن أن يقال: إن كل جسم يقبل الحياة والموت إلا بدليل يدل على ذلك.
والحياة لايجب أن تكون حادثة لا نوعاً ولا شخصاً، كما قد يقال مثل ذلك في الحركة.
[تابع كلام الباقلاني وتعليق ابن تيمة عليه]
ثم قال القاضي أبو بكر: (فإن قال قائل: فما الدليل على أن لم يسبق المحدثات محدث، وأنه واجب لا محالة القضاء على حدوث الجسم، متى لم يوجد قبل أول الحوادث، ولم زعمتم ذلك؟.