للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الوجه الرابع]

أن يقال: قول القائل: إن الوهم والخيال والقوة الباصرة وغيرها من القوى، والعشق، والخجل، والوجل، والغضب، والشجاعة، لا تدخل في الحس والوهم والخيال: إما أن يعني به أنه لا يمكن الإنسان أن يحس هذه الأمور، أو لا يمكن الإحساس بها بحال.

فإن أراد الأول، لم يكن فيه حجة.

وإن أراد الثاني معه المنازع ذلك، وقال: بل هذا مما يمكن الإحساس به، وطالبه بالدليل على أنه لا يمكن الإحساس به.

[الوجه الخامس]

أن يقال: حكم الإنسان بأن هذه الأعراض والقوى، أو النفس الحاملة لها، لا يتصور أن تحس بها، أضعف من حكمة بأن كل موجودين فلا بد أن يكون أحدهما مبايناً للآخر أو محايثاً له، وبأن كل موجود قائم بنفسه مشار إليه، ونحو ذلك.

بل يقال بأن العاقل إذا رجع إلى فطرته وقيل له: هل يمكن أن يخلق الله في الإنسان قوة يحس بها - إما بالمشاهدة، وإما باللمس، وإما بغير ذلك - ما في باطن غيره من القوى والأعراض ومحل ذلك، وعرض على فطرته وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه - كان جزمه بامتناع هذا أقوى من جزمه بامتناع الأول.

فإذا كان كذلك لم يمكن أن يجزم بامتناع الأول، ويجعل امتناعه دليلاً على إمكان الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>