العالم لزم أن المحدث لا بد من محدث، ثم إذا قدر أنه استدل بطريقة الإمكان إما ابتداء وإما مع طريقة الحدوث، فالعلم بأن الممكن يفتقر إلى الواجب علم ضروري لا يفتقر إلى نفي التسلسل.
[إبطال التسلسل]
وأيضاً فإبطال التسلسل له طرق كثيرة، وذلك أنه يمكن أن يقال فيه وجوه:
الوجه الأول
أحدها: أن الموجودات بأسرها إما أن تكون واجبة الوجود، أو ممكنة الوجود، أو ممتنعة الوجود، والأقسام الثلاثة باطلة، فلزم أن يكون بعضها واجباً، وبعضها ممكناً.
أما الثالث فهو باطل لأن ما وجد لا يكون ممتنع الوجود.
والثاني: باطل أيضا لأن ممكن الوجود هو الذي وجوده وعدمه، وما كان كذلك لم يوجد إلا بغيره.
فلو كان مجموع الموجودات ممكنة، لافتقرت الموجودات كلها إلى غيرها، وما ليس بموجود فهو معدوم، والمعدوم لا يفعل الموجود بالضرورة.
والأول باطل أيضاً لأنا نشاهد ما يحدث بعد أن لم يكن، كالحيوان والنبات والمعدن والسحاب والأمطار.