يجاهدون، وتركوا واحداً، ظناً أنه يكفي في قتال العدو وهو أضعف الجماعة وأعجزهم، ثم أنهم مع هذا قطعوا رزقه الذي به يستعين فلم يبق بإزاء العدو أحد.
ومثل نهر كبير كدجلة والفرات كان عليه عدة جسور فقطعها كلها ولم يترك إلا واحد طويلاً بعيداً ضعيفاً، ثم إنه خرقه في أثنائه حتى انقطع الطريق، ولم يبق لأحد طريق إلى العبور، وهو مع هذا يستعمل الناس في الآلات التي يصنع بها الجسور، ويشعر الناس أنه لا يمكن أحداً أن يعبر إلا بما يصنعه.
أو مثل رجل كان لمدينته أسوار متداخلة سور خلف سور، كل سور منه يحفظ المدينة، فعمد المتولي فهدم تلك الأسوار كلها وترك سوراً هو أضعفها وأطولها وأصعبها حفظاً، ثم إنه مع ذلك خرق منه ناحية يدخل منها العدو، فلم يبق للمدينة سور يحفظها.
فيقال إن إثبات الصانع ممكن بطرق كثيرة منها الاستدلال بالحدوث على المحدث، وهذا يكفى فيه حدوث الإنسان نفسه أو حدوث ما يشاهد من المحدثات كالنبات والحيوان وغير ذلك، ثم إنه يعلم بالضرورة أن المحدث لا بد من محدث، وإذا قدر أنه أثبت الصانع بحدوث