لا يتصور عندهم ماهية متسلزمة للوجود تقبل الوجود والعدم.
وأما على قول متأخري الفلاسفة الذين يجعلون وجود الممكنات زائداص على ماهياتها، فتلك الماهيات إنما تتحقق في حال الوجود، لا يمكن تجردها عن الوجود، إلا يتصور أن يكون عندهم ماهية هي نفسها تقبل الوجود والعدم، فإثبات ماهية تقبل الوجود والعدم وهي مع ذلك مستلزمة للوجود ليس قول أحد من الطوائف.
[الوجه الثالث]
أن هذا باطل، فإنها إذا كانت مستلزمة للوجود امتنع أن تقبل العدم.
وإن كان عدمها ممكناً امتنع أن تستلزم الوجود فدعوى المدعي أنها يمكن وجودها وعدمها وأنها مع ذلك تستلزم الوجود لا يمكن عدمها جمع بين المتناقضين.
وإذا قيل: هي باعتبار ذاتها يمكن وجودها وعدمها، وأما باعتبار سببها فإنه يجب وجودها.
قيل: قول القائل: هي باعتبار ذاتها يمكن وجودها وعدمها، ليس معناه أنه يجب وجودها أو عدمها بل معناه باعتبار أنها ذاتها لا تستحق وجوداً ولا عدماً بل لا بد لها من أحدهما باعتبار غيرها.
والتقدير أنها موجودة فيكون الوجود لها من غيرها واجباً والوجود الواجب ولو بغيره لا يمكن عدمه فهذه الذات الواجبة بغيرها لا يمكن عدمها بوجه من الوجوه.