لمنازعكم أن يثبت ذاتاً فوق العالم لا انقسام فيها ولا تركيب، وكان هذا أقرب إلى العقل.
فإن جاز أن تقولوا: لا يتميز العلم عن القدرة، ولا الإرادة عن الحياة، جاز أن يقول: لا يتميز ما يحاذي يمين العرش عما يحاذي يسار العرش.
ومن المعلوم أن التعدد في الصفات أظهر من التعدد في المقدر، فإن كان ذلك مقبولاً كان هذا أولى بالقبول، وإن كان هذا مردوداً كان ذلك أولى بالرد، ولا يمكن أحد من العقلاء أن يرد ما يثبت أنه من المعاني المتعددة المعلومة بصريح العقل، ومع نطق الشرع بذلك في غير موضع، فإن الله تعالى أثبت لنفسه من الأسماء الحسنى التي تتعدد معانيها: كالعليم، والقدير، والرحيم، والعزيز، وغير ذلك، وأثبت له من الكلمات التي لا تعادلها، ما شهد به الكتاب العزيز، فقد أثبت تعدد أسمائه وكلماته، وفي ضمن ذلك تعدد صفاته، وهو الواحد المسمى بأسمائه الحسنى، المنعوت بصفات العلى، الصادق العدل في كلماته التامات صدقاً وعدلاً، وإذا كانت هذه الحجة مبنية عل نفي الصفات، فقد علم فساد أصلها.
[الوجه الثالث]
أن يقال: قولك: (وإن انقسم كان مركباً.
وقد سبق بطلانه) قد سبق قولك: أنه ليس بمتحيز، لأن كل متحيز منقسم لذاته، بناء على نفي الجزء، وكل منقسم لذاته ممكن لافتقاره إلى